أن تكون ميتاً، فهذا أمر لا خيار لك أو لي أو لأي بشر فيه..
أما أن تكون منتحراً، فهذا رغم أنه كبيرة من الكبائر، ومن المحرمات التي "قد" تخرج عن الملة، إلا أن هناك دوافع تحفز ذوي الإيمان الضعيف إلى الانتحار، مثل اليأس الشديد أو الفقر المدقع أو الإحباط الشديد.. أما أن يقدم شاب على محاولة الانتحار من باب "الهزار"، و"الترفيه"، أو "الفهلوة" و"التحدي"، فهذا هو الجنون الرسمي بكل تأكيد!
فقد انتشرت مؤخراً لعبة تسمى "المشنقة"، أو "لعبة الموت"، اتخذها بعض الشباب وسيلة للبحث عن الإثارة والتشويق، مؤمنين بأن "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا"؛ فاللعبة تهدف إلى أن يعيش لاعبوها لحظة الموت؛ اللحظة التي تجعل كل منهم يقف وقفة كبيرة مع نفسه على كل ما فعلت بحياته، وفي الوقت نفسه تخلق لديهم نوع من الإثارة التي يحتاجوها لتفريغ جزء من طاقاتهم المكبوتة.. ولكن حزر فزر.. اللعبة قد تؤدي إلى الموت فعلاً!
7
يحكي لنا محمد، 25 سنة، عن طقوس اللعبة الجديدة، قائلا: "ببساطة شديدة، اللعبة عبارة عن مشنقة حقيقية يقوم بعملها الشباب في السقف، أو أي مكان يصلح لذلك، وتبدأ اللعبة ليقوم الشباب بالالتفاف في شكل دائري مع البدء بالعد التنازلي من رقم 7 وحتى رقم 1، ومن يقع عليه الرقم 7 يكون هو المحكوم علية بالإعدام شنقا، فقط؛ لأنه صاحب الرقم 7".
ويستكمل محمد حديثه: "ثم يقف المحكوم عليه بالشنق على الكرسي، ويضع رأسه في المشنقة، ويتم سحب الكرسي من تحت قدميه لمدة دقائق معينة، وفيها يتوقف الدم عن التدفق إلى المخ لمدة ثلاثين ثانية، ثم يعود بعد ذلك إلى التدفق ثانية بعد انقطاع الحبل، ليعاود الحياة بشكل طبيعي، وإن لم يستطع يمت على الفور"!
ويضيف محمد: "في اللحظات الفارقة بين الحياة والموت، يشعر المتسابق بالنشوة التي يبحث عنها والبطولة التي يفتقدها، أو على العكس تماما يحدث مالا يتوقعه أحد؛ وهو موته على الفور!
مقبرة جماعية!
فاطمة محمد، 22 سنة، من جانبها تؤكد أنها لم تستطع في البداية تصديق ما يفعله متسابقو "لعبة الموت"، وتضيف بقولها: "هذا هراء أشبه بمقبرة جماعية للشباب، هذا الأمر قد نراه في التلفاز على أنه فيلم للترفيه أو الإثارة، ولم يجول بخاطري أن الاستهوان بالحياة وبنعمتها بلغ هذا المدى من الاستهتار".
فاطمة ترى أن تلك اللعبة، تعد نوعاً من الانتحار بشتى الطرق، حتى وإن كانت على سبيل الهراء؛ فهم على علم بأن أحدهم قد يلقى حتفه عند القيام بهذه اللعبة، ولا يجوز تبرير ما يفعله هذا الشباب برغبتهم في أن يعيشوا لحظات الموت، فهناك العديد من الوسائل لمعرفة الكثير عن الموت".
ويتفق معها في الرأي (فيصل) من البحرين، فهو يرفض هذه الفكرة تماما ويقول أنها منافية لتعاليم الدين الإسلامي، وفي حكم الانتحار، فالدين يوصي بالنفس خيرا، وعدم الإلقاء بها إلى التهلكة.
لعبة خلق الأبطال!
ونظراً لخطورة القضية، ذهبنا إلى الدكتور أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، وسألناه عن سبب إقدام بعض الشباب على ممارسة تلك اللعبة المميتة، فأكد لنا أن السبب يكمن في فكرة البحث عن بطولة، وحب المغامرة بين الشباب؛ فالشباب في حالة ضياع، لذلك فهو يبحث عن بطولته، وعن إثبات ذاته بكل ما هو جديد ومثير، ووجد في اللعبة تجربة مختلفة، فيها شعور بالقوة، والانفراد بفعل شيء عجز عن فعله الآخرون.
أما عن دور اللعبة في خلق الشعور بالإثارة، فيضيف د.أحمد: "عندما يمتنع الأكسجين عن المخ لفترة معينة من الوقت (ثواني معدودة)، تزداد النشوة لدى الفرد، ويحدث هذا في بعض حالات الممارسة الجنسية؛ وهذا يحدث لديهم نوع خاص ومختلف من النشوة، وربما يكون الوصول لهذا الشعور من إحدى أهداف لاعبي اللعبة."
الباحث الشرعي مسعود صبري، يرى من جانبه أن قيام الشباب بهذه اللعبة الانتحارية، ما هو إلا دليل على أزمة في الفكر والدين والمجتمع، فانصراف الشباب إلى مثل هذا اللهو القاتل يدل على هشاشة تفكيرهم، على عكس الوضع الطبيعي من كون المسلم فردا منتجا في مجتمعه، يسعى لرسالة التعمير في الأرض، كما أنه يدل على غياب الوازع الديني وفقدان حقيقة التدين.
ويضيف: "مثل هذا العمل يعد انتحارا، لكنه لا يمنع من تغسيل قاتل نفسه والصلاة عليه؛ لأنه لم يستحل الانتحار، أما إذا كان يعلم أنه انتحار ويرى أنه حلال، فإن هذا يخرجه عن الملة، فلا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين!"
ما رأيك أنت.. تحب تجرب (لعبة الموت)؟!